الله أكبر . الله أكبر لا إله إلا الله. والله أكبر . الله أكبر ولله الحمد ،

29 أكتوبر 2010

أينكِ مني!











إنها الواحدة بعد منتصف الليل ، إلا أن صَخَب العاصِمة يُوحي بأنّها مازالتْ الثامنة مساءً!
"كم أكرهُ هَذا الضَّجِيج" قالتْهَا وهِيَ تُطلق زَفرَةٌ أَودَعَتْهَا ضَجَرَها!
جالتْ بِبَصَرها أرجاء الغُرفة يميناً وشِمالاً،هَمَسَتْ بِصَوتٍ غَشَتْهُ "بَحَّةُ" إجهادٍ: "يبدو بأن كل شيء قد تم أخيراً" ..
غَسَلَتْ أسْنَانَها عَلَى عَجَلٍ ، وَمَضَتْ بِخُطَىً مُتثاقِلَة إِلى السرير ، تَمَطَّتْ بِكَسَلٍ ثم مالبثت أن ضمت جسدها بعضه إلى بعض وتقوقعت تحت اللحاف!
بضع دقائق كانت كفيلة بأن تطبق جفنيها عن واقع لترتحل بها إلى عالم حالم ملءُ كفيهِ الدفء!




كان الجو بارداً جداً ؛ فشتاءُ هذا العام مُختلف عن كل شتاءٍ!
بردهُ يُضاعِفُ ذَاكَ الشُّعُور في داخلها!!
شعور؟!! .. عجيب أن الشتاء لم يجمده بعد!
امتدت يد ما أسدلت اللحافَ على جسد صفاء التي كان ترتعش!! ، فظهرت ملامح الارتياح على تقاسيمها ، حتى بدأت تتراجع عن "التقوقع" ..
دفء يسكن الفراش،اللحاف وحتى الوسادة!
تساءلت: وسادة وفراش؟!
فتحت جزءاً من عينيها بصعوبةٍ ، فأيقنت بأنها تنعم بدفء حقيقي ليس من وطن الأحلام!
دفء لم يكن من هذا الفراش ولا ذاك اللحاف ولا تلك الوسادة!
إنما كان صدر أمها الذي احتواها بكل حنان!
وذراعيها يطوقان جسدها البارد!
تبسمت صفاء بنصف وعي بعدما قبلت كف الأم الرؤوم ، ثم عادت من حيث أتت لعالم وردي!

(في السابعة)

'تررررررررن'!!
هكذا راح جرس المنبه يصرخ بجنون،من غير سأم!

"كُفَّ عن هذا أرجوك" ، أجابت بصوت مخنوق من تحت اللحاف!
وأردفت!
- دعني أنعم بدفء أمـَ...!
صدمها برد يسكن أوصالها!
تحسست بيديها كل زوايا السرير!
لم تمتلك جرأة تخولها لأن تفتح عينيها؛خوفا من ضياع الحلم الجميل!
صرخت : أمي! أين أنت؟
لم يكن هناك مجيب .. لم يكن هناك شيء غيرها!
هي وصرخاتها وأصداءٌ ترتد؛ لتزيد ألم قلبها!
أحست باختناقٍ يكاد يَقْتُلُهَا .. فتحت النافذة واستقبلت نسمات الشتاء!، تكاد تحتضنها!
تلفها كشرنقة!
تبعثرها كورقة صغيرة جافة في مهب عاصفة عاتية!
لترتعش كعصفورٍ مبتلٍ بقطر المطر!
جلست على الأرض الرخامية في يأس ، تحتضن جسدها بذراعيها في انكسار!
نظرت إلى ورقة التقويم،إنه الخميس!
بقي يومان فقط على حفل التخرج ، وكل الدعوات وصلت إلا دعوتها!!
فقد رحلت قبل استلامها ..
ألا ترغب في الحضور - فتقبلني وتفخر بي كما كل عام في كل نجاح!!
ظننت بأنها قد عادت البارحة ؛ لتعوضني رحيلها الطويل!
بِيدَ أني سأؤمن بأن الراحلون عن الحياة لايعودون .. لايعودون أبدا!!
أمسكت ببطاقة الدعوة،ضمّتها بقوة إلى قلبها ..
ارتمت على سريرها تبكي بحسرة ومرارة!!

"إن كانت أمي قد رحلت فأي طعم للتخرج أبتغي"!!
عاد النوم ليسلب جسدها البردَ ، واضعاً رأسها على صدر الأم الحنُون ؛ لتبتسمَ صفاء وتهمس :
"كنت أعلم _يقينا_ بأنك لن تتركيني" !!!


خولة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق